زقزقة الطيور ليست بالضرورة أن تكون صوتاً جميلاً ، فهناك زقزقة صاخبة
مزعجة تصل إلى مستوى النعيق ، وهناك زقزقة جميلة تصل إلى مستوى التغريد ...
ودلالة الزقزقة الصوتية تتجه نحو الطرافة والإضحاك والتغنّي والخفّة
والرشاقة والسرعة ، ولعل ذلك ما سوّغ المثل الشعبي المصري الشهير " جَوِّزوا
زقزوق لظريفة " .
ومن أجل ذلك أصبحت مثل هذه الكلمة بتصفير زايها الخفيفة وتضخيم قافها
الغليظة وهلهلة تركيبها توحي بعدم الجدية والاستخفاف والسخرية .
ما دفعني لكتابة هذه المقدمة هو سماعي لصوت هذا الطائر الصغير الأبيض
المشطوب بخط السواد ، الذي تراه كثيرا حول ضفاف النيل يقتات على الحشرات والحبوب ،
ويزعق بصوت عال كلما اقترب إنسان أو حيوان من البستان الذي يرعى فيه ، يسمونه
الزقزوق أو الزقزاق !
كائن آخر يرتبط بالنيل يسميه الناس الزقزوق ، إنه سمك الزقزوق ذو اللون
الرماديّ المبيضّ الذي يشبه سمك القرموط ،
وهو رخيص الثمن ، ضعيف الإقبال لكثرة دمه ، مشهور بحسائه الذي يزعمون فيه التقوية ولكن
طعمه عاديّ ، ويظهر لي أنهم لم يسمّوه الزقزوق إلا لشبه صوته بزقزقة العصافير الدويرية
؛ فهو تصويتات متقطعة متخرِّمة كأنه الأجيج المتشخِّط يُصْدره عندما يصطاده
الصيادون .
ويقولون إن "الزقازيق" في الشرقية بمصر ، لا تعدو أن تكون نسبةً
إلى أسماك الزقزوق النيلية أو طائر النيل الجميل ، وإن كان الترجيح في أصل التسمية
يتجه إلى شيخ ثريّ قديم سبق عصر محمد علي باشا يقال له الشيخ أحمد زقزوق أنشأ كفر
الزقازيق ، وكثر أولاده وانتشرت ذريته حتى أنشأ أحدهم وهو إبراهيم باشا الزقزوق نزلة
الزقازيق بجوار القناطر الشهيرة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق