يحتج بعضهم بحديث كتمان العلم ( مَنْ سُئِلَ عن عِلمٍ فَكَتَمَهُ
أُلْجِمَ بِلِجَامٍ من نَارٍ يوم القيامة ) للإخبار بكل ما يعلم دون نظر في المصلحة
المعتبرة من البيان والتعريف، وإذا أعدْنا مراجعة النصوص فسندرك الكارثة التي نحذر
منها دائماً في التركيز على نص واحد أو جهة واحدة في النصوص الشرعية دون حشد
النصوص في الموضوع الواحد وملاحظة سياقها لاستنتاج الحكم العام وتفريعاته
التفصيلية .
الاستدراك الأول: لابد أن تكون عالماً حقّاً بالمسألة،
ولذا يقول عثمان بن سعيد الدارمي لأحد تلاميذه ينهاه عن الجواب عن كل سؤال يُطرَح
عليه ولو ألحّ عليه الناس: " مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ يَعْلَمُهُ، وَأَنْتَ لا
تَعْلَمُهُ ! ".
الاستدراك الثاني: ملاحظة الأثر الاجتماعي لهذا النص على
سلوك عموم المجتمع بناءً على فهم غير مراد في النص، ففي الصحيحين عن معاذ بن جبل
رضي الله عنه ، قوله : يا رسول الله ، أفلا أبشِّر الناس ؟ قال : " لا تبشّرهم
فيتكلوا" .
الاستدراك الثالث: أن يكون العلم لأقوام يفقهونه ويدركون
معانيه، ففي صحيح البخاري عن علي رضي الله عنه قال: " حدثوا الناس بما يعرفون
، أتريدون أن يكذب الله ورسوله ؟ "، ؛ وعن الأعمش قال:" آفة العلم
النسيان ، وإضاعته أن تحدث به غير أهله" .
الاستدراك الرابع: أن يكون العلم في وقته ، حتى لا يكون
الظرف العام متحكِّماً في طريقة فهم المتلقّين أو في مستوى التلقّي ، ومنه قول ابن
مسعود رضي الله عنه: إِنَّ لِلقلوبِ نشاطاً وإِقْبالاً، وإِنَّ لها تَوْلِيَةً وإِدباراً
، فَحَدِّثُوا النَّاسَ ما أَقْبلُوا عليكم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق