إذا سمعتم اسم البوصيري فستذكرون بردته
الشهيرة في مديح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يكاد بيت قديم يخلو من نصها
وشروحها.
كان أكثر ما ابتهجتُ له قصيدة ساخرة في
ديوانه على رويّ الراء من بحر السريع، يصف فيها الفاقة والحرمان في أسرته في العيد
وفي رمضان، وكيف أثارت التنازع بين أفراد الأسرة الكثيرة العدد ، وأجمل اللقطات
الدرامية هو وصفه للنزاع حول كعك العيد ونقله ، وكيف تنازع مع زوجته في شراهة
أولاد أختها وتطلّعهم لما في أيدي أولاده ، وكيف ناصرت أخت الزوجة أختها على زوجها
وجرّأتْها على زوجها، حتى وصل تحريض الأخت إلى استخدام العنف من قِبل الزوجة فرمتْ
بآجرّة (حجر بناء ) على رأس زوجها ... قصيدة طويلة في غاية الطرافة ، أترككم معها:
يا أيها المَوْلَى الوزِيرُ الذي ** أيَّامه
طائعةٌ أمرَهْ
ومنْ لهُ منزلةٌ في العلا ** تَكِلُّ عَنْ أوْصافِها
الفِكْرَه
أخلاقكَ الغرُّ دعتنا إلى الـ ** إدلاءِ في القولِ
على غِرّهْ
إذْ لمْ تَزَلْ تَصْفَحُ عَمَّنْ جَنى ** وتُؤْثِرُ
العَفْوَ مَعَ القُدْرَهْ
حتى لقد يَخْفَى على الناسِ ما ** تُحبُّ مِنْ
أمرٍ وما تَكْرَهْ
إليكَ نَشْكُو حالَنا إننا ** عائلةٌ في غايةِ
الكَثْرَهْ
أُحدِّثُ
الموْلَى الحديثَ الذي ** جَرَى عليهم بالخيطِ والإبرَه
صاموا مع الناس ولكنَّهمْ ** كانوا لَمِنْ يبصرُهم
عِبرَه
إن شَربوا فالبِئْرُ زِيرٌ لهُمْ ** ما بَرِحَتْ
والشَّرْبَةُ الجَرَّه
لهم من الخبيزِ مسلوقةٌ ** في كل يومٍ تشبهُ
النشرَه
أقولُ مهما اجتمعوا حولها ** تنزَّهوا في الماءِ
والخضره
وأقبلَ العيدُ وما عندهم ** قمحٌ ولا خبزٌ ولا
فِطره
فارْحَمْهُم إنْ أبْصَرُوا كَعْكَةً ** في يدِ
طفلٍ أو رأوا تَمْرَه
تشخصُ أبصارُهم نحوها ** بشهقةٍ تتبعُها زفرَه
فكم أقاسي منهمُ لوعةً ** وكم أقاسي منهمُ حسره
كم قائلٍ يا أبَتا منهمُ ** قَطَعْتَ عَنَّا
الخُبْزَ في كَرَّه
ما صِرْتَ تأتينا بفلس ولا ** بِدِرْهَمٍ وَرِقٍ
وَلا نُقْرَه
وَأنتَ في خِدْمَةِ قَوْمٍ فَهَلْ ** تخدمهمْ
يا أبتا سُخرهْ
ياخيبةَ المسعى إذا لم يكن ** يَجْري لنا أَجْرٌ
وَلا أُجْرَه
لقد تعجبتُ لها فطنةً ** أتى بها الطِّفْلُ بلا
جَرَّه
وَكيف يَخْلُوا الطَّفْلُ مِنْ فِطْنَةٍ ** وكلُّ
مولودٍ عَلَى الفِطْرَه
ويومَ زارتْ أمهمْ أختها ** والأختُ في الغيرةِ
كالضَّرَّهْ
وأقبلتْ تشكو لها حالها ** وصبرَها مني على العسره
قالت لها كيفَ تكونُ النسا ** كذا معَ الأزواجِ
يا غِرَّهْ
قُومِي اطْلبي حَقَّكِ منه بِلا ** تَخَلّفٍ
منكِ ولا فَترَهْ
وإنْ تَأَبَّى فخُذي ذَقْنَهُ ** ثمَّ انتفيها
شعرةً شعره
قالت لها ما عادتي هكذا ** فإنَّ زوجي عنده ضجره
أخافُ إن كلمتهُ كلمةً ** طَلَّقَني قالتْ لها
: بَعْرَه
فهونَتْ قدري في نفسها ** فجاءت الزوجةُ مُحْتَرَّه
فاستقبلتني فتهدَّدْتُها ** فاستقبلتْ رأسي بآجُرَّه
وباتت
الفتنةُ ما بيننا ** مِنْ أوَّلِ اللَّيْلِ إلى بُكْرَه
وما رأى العبدُ له مَخْلَصاً ** إلاَّ وما في
عَيْنِهِ قَطْرَه
فَحَقُّ مَنْ حالَتُهُ هذِهِ ** أَنْ يَنْظُرَ
المَوْلى لهُ نظْرَه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق