السبت، 16 يوليو 2016

ليلة الانقلاب في اسطنبول !

لم أكن أتوقع أن يكون يومي الأول في زيارتي لاسطنبول مليئاً بكل هذه الأحداث التي سيذكرها التاريخ جيداً ...
كانت إجراءات دخولي المطار سهلة جداً في صباح يوم الانقلاب لكن الصالات كانت مكتظة برجال الأمن بستراتهم الحمراء بأعداد كبيرة جيداً، أما أصدقائي الآخرين فقد دخلوا بعدي ولكنهم ظلوا ساعات طويلة في طابور الجوازات المكتظّ بسبب قلة العاملين في نافذة الجوازات ...
قضينا نهاري في عمل متواصل حتى بعيد العِشاء، ثم قررنا التجول قليلاً حول محيط إقامتنا ، وهناك بدأت الاتصالات تتوالى ... انقلاب !
كانت المشاعر مختلطة حزن ممزوج بغضب وذهول وتخوفات ... ما تزال حركة الناس عادية، لكن حافلات المترو توقفت قبل أوانها ، وهناك همهمات كثيرة من حولنا ، إشاعات الواتساب تزيد الوضع سخونة ... قررنا العودة بسرعة مشياً على الأقدام مدة طويلة سمعنا خلالها أصوات إطلاق نار كثيف أجبرت الناس على الانبطاح لكننا لم ننبطح، لأن الرصاص بعيد عن موقعنا !
 كانت سيارات الشرطة تغلق مداخل الشوارع ، ومراكز الشرطة تحصّن أبوابها وتستنفر رجالَها بأسلحتهم الأوتوماتيكية بداخلها ، كانوا يخشون من هجوم عليها ...
بدا كل شيء مظلماً !
سيطروا على المطار، قصفوا مقر المخابرات ، رئيس الأركان رهينة، بل قتلوه ، أردوغان اختفى ، أصوات الطائرات تتعالى ، الدبابات تغلق الجسور الاستراتيجية ، توقفت الحركة !
كانت بارقة الأمل الأولى في الخروج السريع لأردوغان في ثوان معدودات يدعو الجماهير للنزول للشوارع والتوجه نحو هدف محدد: المطار !
كانت هناك تصريحات رئيس الوزراء لقناة محلية تابعة للحزب الحاكم ! بينما كان الانقلاب يتلو بيانه السيادي الأول !
في مقر إقامتنا لم تكن هناك سوى العربية وسكاي نيوز وبي بي سي عربية والقناة الرسوية العربية ... كلها كانت تتحدث بثقة عن سقوط أردوغان !
كان رأيي مختلفاً ،  اتصلت بصديقي العزيز في اسطنبول أطمئن عليه ، كان حزينا وغاضباً ومتشائماً ، لكنني قلت له الكلمات التي كتبتُها في منشوري على الفيسبوك في ساعات الانقلاب الأولى: الانقلاب الناجح لا يتم إلا بالسيطرة على الشرعية : الرئيس ورئيس الوزراء والوزراء ، وجميعهم يتحدثون الآن ، وأما ظهورهم الإعلامي الباهت عبر السكايب أو الفيسبوك فهو بسبب إجراءات أمنية بحتة بعد سيطرة الانقلاب على المؤسسة الإعلامية الرسمية ، وما نشهده هو استعراض للقوة ... الانقلاب سيفشل حتماً ...
انبسطت أساريره ودعا الله أن يجعل كلماتي حقاً ، ثم بدأ يسمع كلمة أردوغان الجديدة ، ثم حدثني عن نزول الناس مكبرين للشوارع ... وكنت أرى الجموع تحتشد ، بينما الطائرات تحلق وتفرّغ الهواء بقوة لتخيف الجماهير ، ثم نسمع أصوات إطلاق صورايخ جو جو ...

كان المشهد يكتمل ... فشل الانقلاب ، وما نراه الآن هو متابعة الجيوب !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق