من عادتي أن أقوم من فراشي في أي ساعةٍ
أقررها ، فإذا قررتُ أن أستيقظ في الرابعة مثلاً فإن عينيّ تنفتحان قبل الرابعة
بخمس دقائق حتى لو كنتُ مرهقاً متعباً أو تأخر ميقات نومي الذي أحرص أن يكون
باكراً ما استطعتُ .
كنتُ أحب أن أبقى مستلقياً في فراشي في
صباي، وأحب الإجازات لأنها تمنحني مواقيت نوم فسيحة ، وتغيّر الحال عندي وأنا في
السنة الثامنة فيما أذكر عندما رافقتُ شباباً يقضون أوقاتهم في متابعة العلماء من
مسجد إلى مسجد لدراسة الفقه واللغة وحفظ القرآن ورسمه وتحقيق تلاوته، وأذكر أنني
كنتُ أقطع في اليوم ماشياً أكثر من 16 كلم في غفلةٍ من أسرتي ولاسيما والدي الذي
كان يخشى عليّ أن أتورط مع مجموعات كانت تنادي بالقتال في أفغانستان في الثمانينات
حيث كانت المغريات الحكومية كثيرة، فقد كانت بعض الحكومات العربية
"المعتدلة" وبعض المنظمات والجمعيات الممولة منها توفر لك ثمن التذاكر
ومكافأة شهرية مجزية، ولها مندوبون في كل مكان .
يسألني صديقي : إنني أعاني جداً عندما
أقوم لصلاة الفجر ، ولم أفلِح في حمل نفسي على الاستيقاظ، وحتى إن استيقظتُ فلا
أفلح في جرّ نفسي إلى المسجد !
قلتُ له : إنك لم تنوِ ذلك !
استغرب وأكد لي أنه ينوي ذلك بقلبه
وبلسانه أيضاً: نويت أن أقوم لصلاة الفجر !
ضحكتُ من مقالته وقلت له: إن النيّة
ليست إشعاراً لحواسك الداخلية بأنك مهتم بالأمر المَنْويّ القيام به، بل هو برمجة
نفسية وعقلية تضع قراراً مسبقاً بوجوب ذلك وأن تفويت ذلك يعني ضرراً حسياً ومعنوياً
على جهاز التشغيل الداخلي، أي أن النية إعلان استنفار بالإعداد والتجهيز وتحديد
ساعة الصفر، وهذا يتطلب الجدية والعزيمة وعدم السماح باضطراب النية ومناقشة الأمر
مع نفسك التي تتسلل إليها الوسوسات المُوهِنات ... حتى يصبح ذلك لديك عادةً مستقرة
لكنها موصولة بخطٍّ تعبّدي حيّ يستشعر قيمة النية والفعل معاً .
تخيّل شبيه ذلك مع شخص أراد ترك
التدخين أو قرر الحِمْية لتخفيف وزنه، وانظر إلى تفاوت الناس في مقدرتهم على
الالتزام والمواصلة ... إنه جوهر النية !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق