عاصفة ترابية عنيفة اجتاحت الفضاء واقتلعت سَكينة
العابدين المتهجدين خارج المسجد الجامع ثم تلتها أمطار غزيرة تصب صباً وكأن السماء
قد تخرّقت قِرابُها وقُدّت من قبل ومن دُبر ... .
نساء عابدات لم يُتحْ لهن مكان داخل الجامع
المكتظ بالرجال ... لم يشعر الإمام الذي يطيل القراءة بأن ثمة المئات من النساء
والأطفال يتعرضن لقصف المطر... ولم يشعر الآباء المتهجدون الذين وضعوا جوالاتهم
الصامتة في جيوبهم ابتغاء الخشوع أن ثمة فائرةً تفور وصيحاتٍ تنادي...
نساء متهجدات متلفعات بمُروطهنّ المبتلّة لم يتزحزحن عن مواضعهن تحت زخات المطر البارد، لم أعرف ما يفعلنه
حتى رأيت كهلاً يقف عند باب بيته الطيني وهو يذوب في الماء رافعا يده الغارقة إلى
السماء كأنه يقول : يا رب إنه ماء مبارك أنزلته في ليلة مباركة، تلمع فيها سماؤك
وتضيء ... اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا... يا الله ! ويمدها بكل صوته ...
أما
أنا فقد قرصتني نملة سوداء صغيرة تعتاد التسلل إلى منزلي من شقوق البلاط القديم
وحقنتني بسمها اللاذع بين أصبعي قدمي وأنا في جلسة التشهد أطاشت سكينتي وأذهبت
خشوعي وقطعت عليّ صلاتي حتى مطلع الفجر...
فأينا
أدركته بركة ليلة القدر - إن كانت - !
اللهم
عفواً منك ومغفرة وستراً !!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق