كبّرنا مع الإمام تكبيرة الإحرام ، قرأ
الفاتحة وبعضاً من سور المفصَّل في التراويح بصوته النديّ، وركعنا وسجدنا مرات
ومرات... ثم لم أشعر بنفسي إلا جالساً للتشهد في الركعة الأخيرة !
أصابني الذعر مما فاتني، لقد غاب عقلي
وحسي عن الصلاة تماماً، استرجعتُ الشريط فإذا بي كنتُ مشغولاً في تحليل مسائل وحل
إشكالات والسياحة في الأحلام وتذكّر الأصدقاء ومراجعة مواقف ...
لقد فقدتُ روحي، فقدت التواصل مع عالم
روحاني إيماني كنت أمدّ حبالي له إلى الأعلى لأصل إليه بجهد ! وتذكرتُ حديثاً
مخيفاً رواه ابن ماجه: "من تشعّبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يُبالِ اللهُ
في أي أوديتها هلَك " أي أنني سأنغمر في أودية الهموم الدنيوية دون معين أو
سندٍ.
لم يكن قلبي حاضراً خاشعاً ... فليس لي
إذاً من صلاتي إلا ما حضر فيه قلبي وعقل، فكأنني لم أصلِّ !
الصلاة مناجاة ، وعندما غفلت عن
المناجاة ذهبت صلاتي عني !
كنتُ غافلاً عن ذكر ربي ، فلم أجد قرة
عيني في صلاتي ، ولم يرتحْ بها بالي ، لأنني لم أدخلها بعقدٍ وعزم ونيةٍ ابتداءً !
ومضت الركعات هكذا دون تدبّر وخشوع !
هل هذه الصلاة تنهى المرء عن الفحشاء
والمنكر كما جعلها الله !
كان عليّ أن أتدبر معاني التلاوة (حتى
تعلموا ما تقولون) ، وأُدركَ معنى الركوع، وأقترب حين السجود، وأخضع حين الجلوس،
وأستسلم حين السلام !
وإني لأرجو الله أن يغفر لي إذ كانت
جوارحي تستجيب للنداء على العادة مما يعني أنها قديمة في هذه العبادة لولا ما
أصابها من ذهول وسهو وفراغ قلب واعتياد ! مع علمي أن ما اقترفتُه – ولو أسقط عني
واجب أداء الصلاة ظاهراً- فإنه مستحق للعقوبة، مستوجِبٌ للاستغفار والندم والتوبة،
وكما قالت العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم: ( رُبَّ قائمٍ حظُّه من قيامه
السهرُ، وربّ صائمٍ حظه من صيامه الجوع والعطش ) يعنى أنه لا ثواب له لفقد شرط
حصوله من نحو إخلاص أو خشوع، أما الفرض فيسقط طلبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق