الاثنين، 27 يونيو 2016

الأحوذيّ !


إذا أردتَ أن تعرف معنى إدارة الأزمات السياسية والواقعية السياسية في التجربة السياسية الإسلامية فانظر في كلام أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حديثها عن الخليفة الراشد عمر بن الخطاب: ( وَمَنْ رَأَى ابْنَ الْخَطَّابِ عَرَفَ أَنَّهُ خُلِقَ غَنَاءً لِلإِسْلاَمِ كَانَ وَاللَّهِ أَحْوَذِيًّا نَسِيجَ وَحْدِهِ قَدْ أَعَدَّ لِلأُمُورِ أَقْرَانَهَا) .
ومن رآه أي عايشه عرن قربٍ أو درس تجربته بعمق، سيعرف في المحصِّلة أنه غَناء للإسلام ، أي أن تجربته الثرية كانت مصدراً غنياً من مصادر الإسلام في تطبيقاتها وأحكامها .
فقد كان عمرُ أحوذياً أي كان جاداً مشمِّراً قاطعاً في قراراته، مسرعاً في اتخاذها ، لا ينتظرها أن تشتدّ عليه الظروف وتضيق حتى إنه يكاد يسير مسيرة عشرٍ ليال في ثلاث ليال.
وقد ورد اللفظ أيضاً بالزاي (أحوزياً) ومعناه قريب أي أنه كان جامعاً لأطراف القضية وما شذ منها، مستوعباً لفرصها وتحدياتها وإشكالاتها ومكاسبها، عالماً بتفاصيلها  ...
ومعنى قولها ( نسيج وَحدِه) أنه منقطع القرين، قد بلغ درجة تقرب من الكمال في قراراته التي يرضاها الناس لكثرة الصواب فيها ، وقد جاء هذا التعبير على المجاز وذلك لأن الثوب النفيس الغالي كانوا يخصّون به سيد القوم فلا يُنسَج على منواله غيرُه .
وقولها إنه أعدّ للأمور أقرانها أي وفّر البدائل الممكنة في حال لم ينجح الخيار الأول في سياسة القضية المستهدفة، يتوقع المخاطر ويرسم سيناريوهات التعامل معها، ويستشرف المستقبل ويرسم طرق الوصول إليه بأمان وبأقل خسائر ممكنة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق