حُزُقّة !
طفلٌ صغيرٌ
قصير القامة ممتلئ البطن ما زال يحبو لكنه يستطيع الوقوف وتتحرك أقدامه بخطوات
قلقة مائلة بمساعدة جدّه الحنون ...
لا يفعل ذلك
خِلسة بعيداً عن الناس، بل يشاهده أبو هريرة وهو يفعل ذلك مع حفيده الحسن أو
الحسين ...
ليس سلوكاً
فعلياً فحسب بل سلوك قوليّ ، يستخدم كلمات مضحكة ومُطْربة ، ذات إيقاع طارقٍ على
الأذن البسيطة...
الطفل
الصغير الكَلْبُوظ ( ضد العَصْعوص) المترنِّح في مشيته يمسكه جدّه الجليل ، ويضع
قدميه على قدميه ويرفعه للأعلى قليلاً قليلاً ، يصعد ببطء إلى الشجرة العالية ،
حتى تستوي قدماه على صدره ، ثم يطلب إليه أن يفتح فمَه ليقبّله، فيقبّله جدّه ،
ولا تسأل عن سعادة الطفل وبهجته بتلك اللحظات وهو يستمع لترقيصات رسول الله له :
حُزُقّة ،
حُزقّةْ ... تَرَقَّ عَيْنَ بَقّةْ
تأمّلوا في
أصوات هذه الكلمات ، ونَغِّموها فسترون كم ستكون إيقاعاتها مضحكة، وتأمّلوا في تلك
التشبيهات التي فيها :
الحزقّة :
بضم الحاء أو فتحها ، وضم الزاي وتشديد القاف ، هو ذاك الطفل السمين الذي يضيق
عليه جلدُه فيستدير كالكرة ، تدور إليتاه إذا مشى (كما يقول أبو عبيد القاسم بن
سلام) ... يحاول المشي بصعوبة وتتقاربُ خطاه ...
يشجّعه رسول
الله ليصعد إلى الشجرة: ترقَّ !
عينا هذا
الطفل تبدوان أكبر كلما صعد خطوة لأعلى ،
لكنهما تبقيان صغيرتين : يا عينَ البقّة !
يا عين
البعوضة صغيرة العينين ... إنك أيها الصغير المشاغب على امتلائك لا تكاد تُرى ...
ويضحكان ...
ما أجملكما
!
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ،
قَالَ: سَمِعَتْ أُذُنَايَ هَاتَانِ، وَأَبْصَرَتْ عَيْنَايَ هَاتَانِ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ آخِذٌ بَكَفَّيْهِ جَمِيعًا يَعْنِي حَسَنًا
أَوْ حُسَيْنًا، وَقَدَمَاهُ عَلَى قَدَمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ثُمَّ يَقُولُ: " حُزُقَّةٌ حُزُقَّةٌ، تَرَقَّ عَيْنَ بَقَّةٍ
"، فَيَرْقَأُ الْغُلامُ حَتَّى يَضَعَ قَدَمَيْهِ عَلَى صَدْرِ رَسُولِ اللَّهِ
صَلَى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ لَهُ: " افْتَحْ فَاكَ "،
ثُمَّ قَبَّلَهُ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ أَحِبَّهُ فَإِنِّي أُحِبُّهُ
". رواه الطبراني في الكبير،
والبخاري في الأدب المفرد وابن عساكر في التاريخ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق