السبت، 1 يوليو 2017

عندما تشيب مثلي !

ولقِيَني بعد دهرٍ: لقد شِبتَ أبا عمر ! أصبحتَ مَلْهُوزاً !
أرأيتَ هذا الانفعال الجامح الشديد الذي يشعّ في داخلك ويتسلل شعاعه إلى شعرك فيفتّت أصباغه السوداء، ويترك وراءه آثاراً خالية من الألوان، فلا ترى إلا البياض يتقدّم !  
تمرّ عليك آيات الوعيد وتجارب السالفين، ويأتيك الأمر بالاستقامة (فاستقِمْ كما أُمرِت) فتشيب من هول الشعور بالمسؤولية: (شيبتني هود وأخواتها)
وانفعال الفزع من أحداث القيامة يجعل (الولدان شِيباً) فاحذر أن تخيف نفسك أو تتركها رهينة الخوف في حياتك الدنيا .
وتصعد المنابر فتنفعل بقضاياك التي تخطب بها أمام الناس وتخشى الخطأ المفضي إلى انشغالهم عنك أو كشف مستواك وعمق جوهرك فتشيب: ( شيبني ارتقاء المنابر) .
هذا الإرهاق العصبي الذي تخوضه في كل مراحل حياتك فتلقي فيه كل طاقتك الانفعالية فتغضب كثيراً وتحزن كثيراً وتكتئب كثيراً ... إنه يجعل الشيب يسيطر عليك وينقلك بسرعة إلى الشيخوخة (ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً وَشَيْبَةً) ولو تجرّدت مشاعرك وعقلت لتجدَّد شبابك حتى تستوفي أجلك في الدنيا .
الشيب نذير لك فاحذر ألا تشيب شعرة منكَ أخرى قبل أن تفتح صفحة جديدة أمام ربك وأمام نفسك وأمام الناس، فقد بدأ الموتُ يغرز راياته وأعلامه على تِلال شَعرك !
هذا وقت القرار الحاسم !
عندما ظهرت أولى شيباتي كانت فواتح قراراتي في اتجاهاتي وأولوياتي واهتماماتي، وبتُّ أعرف طريقي، وحددتُ سقوف طموحي، وعرفتُ كيف أختم حياتي !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق