الاثنين، 10 يوليو 2017

بلاد العرب أوطاني ... قصيدة حفيد حاكم صفد !

هذه القصيدة السائرة إلى يومنا هذا هي للشاعر الدمشقي فخري بيك البارودي المتوفى عام 1966م وهو شخصية ظريفة ذات نكتة وتخلّع، وكان أيضاً من المشتغلين بالسياسة إلا أنه كان يمزج المرح بالسياسة والجد بالهزل فيما حكي عنه، وهو ممن شارك الشخصية الإنجليزية الجدلية الشهيرة بلورنس العرب في نسف القطارات العثمانية فيما سمي بأحداث الثورة العربية الكبرى لاسيما أنه كان الضابط المرافق للأمير فيصل بن الشريف حسين بأمر من الشريف نفسه، وانضم فخري للشيخ طاهر الجزائري في حراكه القومي ضد السلطان العثماني هاتفاً بنهضة العرب وضرورة يقظتهم من خلال جميعة الاتحاد والترقي.
شارك – وهو الضابط العسكري المتخرج حديثاً من مدرسة الضباط الاحتياط - مع الجيش العثماني وحليفه الألماني في الحرب ضد الإنجليز أثناء الحرب العالمية الأولى في طبرية وما حولها حيث ديار جدّه ظاهر، وأسره الإنجليز في معركة بئر السبع؛ وهو ممن شارك في النضال ضد الفرنسيين أيضاً بعد ذلك.   
رعى فخري البارودي الكثير من الأدباء والفنانين حتى إن بعضهم انتسب له مثل المغني الحلبي الشهير صباح فخري واسمه الحقيقي صباح الدين أبو قوس لكثرة ما أنفق عليه في صغره ليرعى فيه ملكة الغناء وصنعته حتى تبنّاه وبذل له اسمه، وخرجّه من معهده الموسيقيّ، والتزم بهذا الاسم صباح في لاحقة اسمه تقديراً لأستاذه ومربّيه أو مراعاةً لوالده المقرئ ومعلم القرآن والمنشد الصوفيّ الحلبيّ الذي تحرّج من وضع اسم الأسرة المحافظة في سهرات الغناء والطرب الصاخبة.
ولا يعلم كثيرون أن فخري البارودي من أحفاد القائد الفلسطيني الشهير المعروف بظاهر العمر الزيداني حاكم صفد والجليل وعكا، حيث تمكن أحد أبناء ظاهر العمر وهو محمد من الفرار من والي عكا الشهير ببطشه أحمد باشا الجزار، ولجأ الجد إلى دمشق واشتغل في مصنع للبارود نُسبت إليه العائلة بعد ذلك.
ومن الطرائف أن الملحن المصري الشهير محمد عبد الوهاب عندما سمع قصيدة البارودي طرب لها وأحبّ أن يلحنها إلا أنه طلب من الشاعر أن يغير كلمة "تطوان" لاعتبارات إيقاعية في التصويت بها فأبى البارودي بشدة، تقول القصيدة :
بلاد العرب أوطاني ... من الشام لبغدان
ومن نجد إلى يمن ...  إلى مصر فتطوان
 فلا حدّ يباعدنا ... ولا دين يفرقنا ... لسان الضاد يجمعنا ... بغسان وعدنان .
وكان واضحاً أن البارودي كان من القوميين الداعين لمبدأ الوحدة بين مصر وسوريا.
كانت داره عامرة بأهل الفن والأدب والشعر والسماح، وقد شهدت  داره ولادة  قصيدة  أحمد  شوقي النونية الشهيرة :  ‏‏
قمْ ناجِ  جِلّق  وانشُدْ  رسمَ  مَن  بانوا‏‏ ... مَشَت  على  الرسم  أحداثٌ  وأزمانُ‏‏

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق