الأربعاء، 17 مايو 2017

تقدير موقف في التعامل مع دعوة الرئيس التركي لزيارة القدس

تتأسس الفتوى السياسية على منع التطبيع على تقدير المصلحة من إجراء تعاملات مع العدو الصهيوني ، لأن الأصل في التطبيع في حالته الطبيعية أن يكون خرقاً لحالة العداء تجاه العدو وذلك لأن التطبيع يعني الانتقال في العلاقات بين الطرفين (المتنازعين) من مرحلة العداء إلى مرحلة طبيعية وتنتفي فيها حالة التناقض أو الحرب وتقوم على أساس المصالح المتبادلة وحسن الجوار والتعاون في الميادين والمجالات كافة.
وجوهر التطبيع هو إحداث تغيير على الجانب العربي والإسلامي.. على أن يبدأ هذا التغيير بالتسليم بوجود "إسرائيل" كدولة عادية في المنطقة.. ويمتد إلى تقييد قدرات العالم العربي والإسلامي العسكرية وتغيير معتقداته السياسية.. وإعادة صياغة شبكة علاقاته.. إضافة إلى تحقيق مطالب أمنية وإقليمية... وصولاً إلى تغيير المواقف النفسية تجاه هذا الكيان.. بصورة جذرية.
فالأصل إذاً أن التطبيع جريمة، و مكافحة التطبيع أمر واجب على الجماعات والأفراد والمؤسسات تجاه أي فرد أو جماعة أو مؤسسة تنتمي للكيان الصهيوني أو تتعامل معه بانفتاح.
إن الدعوة التي أطلقها الرئيس التركي أردوغان هي دعوة تتناسب مع فهم الأتراك للتطبيع أنه سيكون في صالح الفلسطينيين ولن يعود بالنفع على الصهاينة ، واتخذ الأتراك جملة إجراءات محسوبة لمنع الصهاينة من الاستفادة الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية من الزيارات التركية من قبيل دخول فلسطين من الأردن والتعاون مع شركات سياحة وإرشاد فلسطينية والنزول في فنادق أو بيوت فلسطينية مؤجرة وشراء منتجات فلسطينية ... ، أي أن القرار التركي يتأسس – في فهمهم - على موقف عدائي من سلوك الاحتلال الصهيوني، ولكنه بالاستناد إلى تاريخ العلاقة الدبلوماسية بين تراث تركيا الأتاتوركية العلمانية والكيان الصهيوني؛ ويعدّون هذا من التكتيك السياسي والمناورة المقبولة.
إن أي جهة تحاول البناء على الموقف التركي لفتح باب التطبيع يجب أن تستصحب معها ألا تخدم الكيان الصهيوني سياسياً أو اقتصادياً أو ثقافياً أو شعبياً، فلا يجوز لدول لا تقيم علاقة دبلوماسية مع الكيان أن تفتح باب الزيارة بحجة دعم الفلسطينيين وزيارة القدس لتبرير إقامة علاقة دبلوماسية، ولا يجوز لجهات تقيم دولتها علاقة دبلوماسية مع الكيان أن تخترق حالة الحصانة الشعبية والرفض الشعبي لزيارة فلسطين عبر سفارة العدو في بلدها لتروّج لزيارة العدو ... وبالمحصّلة فإن أي قرار يشابه القرار التركي الذي هو حالة تركية خاصّة بهم – ولا يقاس عليها - ولديهم مبرراتهم المقبولة وغير المقبولة أيضاً مما يندرج في سياق علاقاتهم الدولية ... أي قرار يشابه القرار التركي يجب أن يستند إلى أمور :
التطبيع في الأساس جريمة سياسية .
الاضطرار للمساس برفض التطبيع يجب أن يكون محدوداً وضمن تقدير دقيق للمصلحة يختلف باختلاف الدول.
تقدير المصلحة يجب أن يستند إلى تأكيد حالة العداء تجاه العدو، ومحاولة اختراق الحصار الصهيوني وتفكيكه بصوة دائمة ومتصلة، وتقديم خدمة حقيقية يحتاجها الفلسطينيون، ويوافقون عليها؛ وأعني بالفلسطينيين القوى المقاوِمة تحديداً .
عدم الاستجابة للسلطة الفلسطينية في دعوتها للتطبيع لأن دعوتها تتأسس على تحسين ظروف المفاوضات من خلال تقديم نفسها كجهة مفيدة للمحتل ويمكن الاعتماد عليها كمحطة ترويج وقنطرة عبور . 9/5/2017

  

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق