الاثنين، 6 مارس 2017

ابن نصير ... قائد فلسطيني فتَحَ الأندلسَ وعينُه على القسطنطينية !

د. أسامة جمعة الأشقر
كان موسى بن نصير اللخمي الفلسطيني فاتح المغرب العربي والأندلس رجلاً مهيباً عظيم الجسم سميناً ، وفيه عرج ربما من أثر المعارك الكثيرة التي خاضها ؛ وكان من التابعين إذ لقِي الصحابي الفلسطيني تميم بن أوس الداري اللخمي أمير بيت المقدس ....
كان والده يسكن في جبال الخليل جنوبي بيت المقدس ، وقد سُبي موسى صغيراً هناك في معركةٍ زمانَ فتوح الشام في عهد أبي بكر الصديق ، ولا ندري إن كان قد سُبي على يد سرايا المسلمين العسكرية أم غيرها فقد كانت قبائل لخم وجذام الفلسطينية لم تحسم خيارها بالانضمام إلى جيوش الفاتحين العرب المسلمين في بداية الفتوح، ثم ما لبثت أن تركت ولاءها للروم البيزنطيين وانضمّت بالجملة إلى الفاتحين.
ومن مصادر استمداد شجاعته ما يُحكى أن أمّه أم موسى اللخْمية شاركت في معركة اليرموك وتمكنت من قتل أحد علوج الروم فيها، وأخذت سلَبَه (عدته القتالية وفرسه) أثناء جرِّه لأحد جنود المسلمين ، ضربت رأسَه بعمود خيمة كبيرة فشدخته، ثم ساعدها الجندي المسلم على إتمام مهمتها؛ وكان أمير مصر عبد العزيز بن مروان والد الخليفة عمر بن عبد العزيز يستحثّها دوماً لحكاية قصتها مع العلج ويضحك لذلك.
ولمّا أظهر عبد الله بن الزبير أمره وأعلن نفسه خليفة في مكة وبايعته الأقطار عدا الأردنّ ، أعلن موسى بن نصير ولاءه لابن الزبير وانضم للضحاك بن قيس في معركة المرج، ثم انسحب إلى فلسطين وانضم لناتل بن قيس فأهدر مروان بن الحكم دمه، ولمّا تحققت هزيمة الزبيريين استغاث بعبد العزيز بن مروان الذي آواه وأمّنه واستصدر من أبيه براءة له وسار معه إلى مصر وأصبح مقرّباً من عبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك - وكانت الفتوحات في عهد الوليد - ثم ساءت أحواله كثيراً وأهين في زمان سليمان حتى إنه أوقفه في الشمس الحارقة مدة طويلة حتى كاد يذوب شحمه – وكان موسى سميناً -.
كان موسى بن نصير قائداً عسكرياً خطيراً تمكّن من إخضاع بقية قبائل المغرب العربي وضمّها إلى عسكره وافتتح بهم الأندلس ، وكان طارق بن زياد من قوّاده الكبار المحسوبين .
لم يكن موسى بن نصيراً قائداً بريّاً فحسب بل كان قائداً بحريّاً له صولات وجولات في جزائر البحر المتوسط ، وهو ما أعطته مزية وخبرة في التخطيط لافتتاح الأندلس .
وكان موسى بن نصير يخطط لافتتاح القسطنطينية من جهة الغرب الأوروبي ، ويروي المؤرخون أنه لمّا تمادى في سَيره في الأندلس، أتى أرضاً تميد بأهلها من شدة مقاومتهم ، فقال عسكره: إلى أين تريد أن تذهب بنا ؟ حسبنا ما بأيدينا، فقال: لو أطعتموني لوصلت إلى القسطنطينية، ثم رجع إلى المغرب وهو راكب على بغله "كوكب"، وهو يجرّ الدنيا بين يديه؛ ويقال إن الخليفة الوليد بن عبد الملك هو من أوقف تقدّمه إلى القسطنطينية.
من تجاربه المذكورة له:
قال له الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك يوماً: ما كنتَ تفزع إليه عند الحرب ؟ قال: الدعاء والصبر.
 قال: فأيّ الخيل رأيت أصبر ؟
قال: الشُّقر.
 قال: فأيّ الأمم أشد قتالا ؟
قال: هم أكثر من أن أصِف.

 قال: فأخبِرني عن الروم، قال: أُسْدٌ في حصونهم، عُقْبان على خيولهم، نساءٌ في مراكبهم، إن رأوا فرصةً انتهزوها، وإن رأوا غلبةً فأوعالٌ تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عاراً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق