ينقلون على لسان الشهيد المثقف باسل الأعرج رحمه الله أنه كان يدعو
الشباب للعيش مثل النِّيص والقتال كالبرغوث ، ربما يعرف كثيرون منا البرغوث لكنّ
النيص يجهله كثيرون إلا سكان الجبال والأرياف ، فهو حيوان شوكيّ قارض كبير ليس
كثير العدد ، وهو المعروف قديماً باسم الشَّيْهَم أو عظيم القنافذ !
ما الذي جعل الشهيد الأعرج يمارس حياته كالنيص ويدعو إلى محاكاة سلوكه
!
النِّيص كائن وحيد يعيش وحده ويبحث وحده ويقاتل وحده ، ولا يتسبب موته
بهلاك واحد من بني جنسه !
إنه كائنٌ ليلي بطيء الحركة يتحرك بحذر، ويتخفّى في النهار في جحوره
الصخرية أو الرملية .
ومع أنّ أسنان النيص حادة قاطعة إلا أنه يتغذّى بالمتاح السهل من
أوراق الأشجار والأعشاب والأزهار والفتات ، وفي ليالي الشتاء يقشر بأسنانه لحاء
الأشجار الطرية الغضة ويتناولها ، وهذا شأنُ الفدائي في طعامه حيث يأكل المتوفر
المتاح؛ ويستعمل أسنانه في قرض الأقفاص الخشبية التي يُحْبس فيها.
يتحرك النيص كالفدائي في مربعات خطرة ، ويتجنّب المواجهة المباشرة ،
وإذا حاصره العدو فإنه لا يهرب لبطئه ومحدودية تكتيكات المناورة لديه فإنه ينكمش
ويستدير على نفسه ، وينفش أشواكه المدببة الطويلة في مواجهة عدوّه ، وقد يُخرج بعض
أشواكه من جلده الخشن فيظن العدو أنه يطلقها عليه، ويضرب أقدامه بالأرض ، ويصكّ
أسنانه ويطلق صوتاً كالنباح فيصبح غاضباً مخيفاً لا يرعوي عن فعل شيء ؛ والعجيب
أنه عندما يفقد أشواكه فإنه يعوّضها بسرعة، ويزعم بعضهم أن شوكه إذا اخترق جلد
الإنسان فإن جرحه صعب الشفاء بطيء البرء !
والنيص له حاسة سمع مرهفة تمكّنه من تكتيكات الاختفاء ، وحاسة شمّ
مرنة تلتقط الروائح من مسافات بعيدة .
وإذا تمكن الثعبان الضخمُ منه وابتلعه فإنه يمزّق أحشاء الثعبان
ويقتله بعد موته !
أما البرغوث فهو حشرة ليلية أيضاً تمص دم الهدف بخفّة فلا يعلم ما حدث
له إلا بعد أن يتورم موضع العضّة، ولا يكاد يسمع أحدٌ صوتَه ، وهو سريع الاختفاء
أيضاً ، ويحسن التعلّق بالخيوط الهشّة .
رحم
الله باسل الأعرج عاش كالنيص وقاتل كالبرغوث حتى نفدت ذخيرته كلها
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق