عندما أقوم بالكتابة فإنني أبدأ بعملية استجواب
، أضع له الأسئلة الكثيرة ضمن منهجية أستطيع التحكم في مسارها حتى لا تبعدني عن
مرادي ، أضع أسئلة المكان والزمان وظروف الإنسان معهما ، ثم أحاصر المكان بتضييق
الجغرافية ، وأحاصر الجغرافية بتغطيات الزمان ، وتفاعل الإنسان مع هذا المكان في
الزمان ذاته ...
أعدِّد زوايا النظر وأستعير نظارات ملونة
لأقرأ المشهد بكل الألوان الممكنة ، أضع الأسئلة الصعبة والمستحيلة والجريئة والمستفزّة
...
أستدرج الأصدقاء العارفين بطرح بعض الأسئلة
المشكلة وأستمع إلى إجاباتهم الأولية وتكهناتهم وأستفزّهم ببعض الأسئلة ، كل
استفزاز يدفعهم للرد فأستخرج من ردودهم أسئلة جديدة أو أطراف أجوبة ... .
أضع السيناريوهات المحتملة في السياق
السياسي والاجتماعي والعسكري والاقتصادي وأحاول الربط بينها ، ثم أطابق هذه
السيناريوهات مع المعلومات الأولية المتاحة من خلال خطوط ربط محتملة لأخرج
بالسيناريو الأكثر تطابقاً مع المعلومات الأولية وأجعله بمثابة السياق العامة
الأكثر ترجيحاً وأبني عليه نقطة ربط مركزية تتصل بنقاط ربط أخرى فإذا اتصلت بسهولة
كان ترجيحي أكثر مصداقية وإلا فإنني أعيد قراءة النتائج .
هذه الطريقة افتتحت بها تصنيف كتابي فتوح
فلسطين ثم أَصبَح سنّةً ماضية ... أروعُ ما في الأمر أنني وأنا أعيد كتابة سيرة
الغزوات النبوية التي أدت إلى إجلاء اليهود عن جزيرة العرب شعرتُ أنني أعيش في
العصر النبوي بكل تفاصيله ، حيث إن كثرة البحث عن الأجوبة كانت تكشف لي المشاهد
العلوية والتفصيلية وأتخيّل كل شيء ، ولا تتخيّلوا مقدار سعادتي بالعيش جوار خيمة
رسول الله في معسكره !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق